تقع مدينة صنعاء بين جبلين مشهورين هما : نقم الذي يسورها من الشرق وعيبان الذي يسورها من الغرب والجنوب الغربي وعلى خط عرض 15.22 وخط طول 32.44. * وهي قديمة الإختطاط أزلية البناء يقال أنها أول مدينة بنيت بعد الطوفان والباني لها سام بن نوح . ويرى بعض المؤرخين (1) أنها تقع عند ملتقى ثلاث قبائل وهي : بني الحارث من الشمال و سنحان من الجنوب و بني مطر من الغرب . ويؤكد أبن المجاور ( أن شيت بن آدم عليه السلام بنى مدينة صنعاء وغرس بظاهرها بستانين أحدهما أيمن الدرب والثاني أيسره ، وهما بطول من صنعاء إلى العراق مسيرة سبعة أيام ( 2 ) ولتأسيس صنعاء حادثة تاريخية تتفق عليها المصادر التاريخية التي تؤرخ لها ، تذكر : أنه لما توفي نوح عليه السلام أجتوى أبنه سام السكنى في أرض الشمال وإصابه ألم فأقبل طالعاً في الجنوب يرتاد أطيب البلاد حتى صار إلى اليمن فوجده أطيب مسكناً خفيف الماء معتدل الأرض وحين نزل صنعاء زال عنه الألم (3) وحينئذٍ وضع مقرانهوهو الخيط الذي يقدر به البناء إذا مدّه بموضع الأساس (4) من ناحية فج عطان في غربي حقل صنعاء مما يلي عيبان فبنا الظبر ، فلما أرتفع بعث الله طائراً فأختطف المقرانه وطار بها وتبعه سام لينظر أين وقع فأم بها إلى جبوب النعيم من سفح نقم فوقع بها ، فلما أرهقه طار بها فطرحها على حرة غمدان ، فلما قرت المقرانة على حرة غمدان علم سام أن قد أمر بالبناء هنالك فأسس غمدن ، وأحتفر بئرة وتسمى كرامة وهي سقاً إلى اليوم ( 5 ) وصعد على جبل نقم وقال لأهله وأشياعه وأتباعه : ليعمر كل منكم مسكناً يسكنه : فعمرت الخلق المساكن فرجعت مدينة طولها وعرضها مسير سبع فراسخ (6)
ويقول الهمداني : هي أم اليمن وقطبها لأنها في وسط منها ما بينها وبين عدن كما بينها وبين حد اليمن من أرض نجد والحجاز ، وكان أسمها في الجاهلية آزال (7) وكان من أشهر مبانيها قصر غمدان أول قصور اليمن وهو قصر كان بديع الصنعة شامخ البنيان أعجبها ذكراً وأبعدها صيتاً وهو في صنعاء كان مكوناً من عشرين سقفاً ،8 وكان فيها بين كل سقفين عشرة أذرع ، وكانت غرفة الرأس العليا مجلس الملك اثنتي عشرة ذراعاً عليها حجر من رخام ، وكان في زواياه الأربع أربعة أسود من نحاس أصفر خارجة بدروها فإذا هبت الرياح في أجوافها زأرت كما يزأر الأسد ، وكانت حمير تنزله وتزيد فيه حتى أخرب في أيام الخليفة عثمان بن عفان . ويرى أبن المجاور : أن أول من ابتدأ في بنائه سام بن نوح لما بنا صنعاء ويقال : سليمان بن داود عليهما السلام لما دخل اليمن يتزوج بلقيس وكانت التبابعة من ملوك حمير لهم رغبة نفسية وهمة عالية في عمارته ، وكل ملك منهم كان يعلي قصراً على قصر حتى أرتفعت تلك القصور أثنتين وسبعين سقفاً ويقال ثلاثة وتسعين سقفاً ،وآخر من بنى به أسعد الكامل ويقال أسعد الخزاعي قصر من زجاج وهو الخاتمة ، ويقال أن أواخر فيء قصر غمدان كان يصل إلى وادي ظهر وهي مسافة فرسخ زائد لا ناقص قال ابن المجاور : إذا قربت الشمس للغروب لأن في مثل ذلك الحين يكون الظل والفيء إلى أن يرجع مثل الشيء ثلاث أربع مرات ، وممن بنا فيه إمرأة تسمى الزباء (9) .
تسمية صنعاء ونسبها :
لم يكن أسم صنعاء معروفاً به في العصور القديمة ، فقد نسبت إلى مؤسسها سام بن نوح ، وكان يطلق عليها في الجاهلية أسم آزال نسبة إلى آزال بن يقطن ، وظلت تسمية آزال حتى دخلها الأحباش سنة 340 للميلاد وكان كلامهم يقولون : صُنعت وصَـنَعت (10) . وتذكر المصادر الأثرية بأن أسم صنعاء أتى مع دخول الأحباش الذين وجدوها مبنية بحجارة حصينة فقالوا : هذه صنعة ومعناها حصينة فسميت صنعاء بذلك (11) . وهناك من ينسبها إلى صنعاء بن يقطن بن العبير بن عامر بن شالح (12) . وقد تخطت ثلاثة أطوار في عصور مختلفة : الأول طور التكوين ، وسميت باسم بانيها سام بن نوح ، الطور الثاني سميت آزال محتفظة باسمها الأول والطور الثالث باسم صنعاء وقد احتفظت بالأسماء الثلاثة .
** سور صنعاء وأبوابها :
ما تزال الحكايات الصنعانية عن سور صنعاء مروية حتى يومنا هذا ... وتذكر المصادر أن من أدار سورها الملك الأغر علي بن محمد ابن علي المعلم الصليحي بالحجر والجص وركب عليه سبعة أبواب باب غمدان ينفذ إلى اليمن وباب دمشق ينفذ إلى مكة ، وباب الشيخة ينفذ إلى محلة الشيخة ، وباب خندق الأعلى يدخل منه السيل ، وباب خندق الأسفل يخرج منه السيل يسقي الأرض ، وباب النصر ينفذ إلى جبل نقم وبراش ، وباب شرعة وينفذ إلى بستان السّر (13). وتذكر بعض الروايات أن السور ينسب إلى الملك ( شعرم أوتر ) وهو أول من أداره وقد جعل فيه تسعة أبواب وأن أعلى السور كانت تمشي فيه ثمانية خيول مجتمعة كما شاهد ذلك الرحالة الإيطالي في القرن التاسع الهجري ( 14 ) ولم تقف الروايات عن سورها وأبوابه عند هذا الحد بل ذهبت إلى أن ( شعرم أوتر ) هول الذي أوصل بنيات القصور وأحاط على صنعاء بحافظ ، وقد تعرض للخراب مراراً أحدهما على يد الإمام يوسف بن يحيى بن أحمد الناصر بن الإمام الهادي وقد إعادة قيس الهمداني ، كما أن السلطان حاتم بن أحمد اليامي من أعيان المئة السادسة أمر بهدمه أثناء حروبه مع الإمام أحمد بن سليمان ، فلما جاء السلطان ( طغتكين بن أيوب ) إلى اليمن أعاده وأدخل الحي الذي استحدثه لنفسه وأهله وحاشيته ومنه بستان السلطان المعروف اليوم ، وقد أخربها الإمام ( المتطرّف ) عبدالله بن حمزة المتوفى سنة 614 هـ . وتذكر المصادر المتأخرة بل المعاصرة أن ستة أبواب كانت بصنعاء وهي المعروفة بيننا اليوم وهي : باب ستران ، وباب اليمن ( وكان ملتوياً فلا يرى الخارج منه شاكلة باب مدينة زبيد الموجود ) وقد هدمه أحمد فيضي باشا القائد العثماني سنة 1316هـ وأعدا بناؤه على ما هو عليه اليوم وباب السبحة . وكان في هذا السور عدد كبير من الأبراج متساوية المسافة وكان في وسط السور ممر لفارسين يمشيان معاً ، وكان يستعمل – أحياناً – لعربات المدافع عند الحاجة لحماية العاصمة ( 15 ) ويذكر لنا القاضي محمد بن علي الأكوع الحوالي ، أن أبواباً قد أحدثت على ما ذُكر وهي : باب القصر ، باب البلقة ، وباب الروم ، وباب القاع ، وقد أحدثت حينما بني حي بير العزب ويعيد ذلك إلى القرن الثاني عشر الهجري أو قبله (16) .
الأسواق والحرف :
تعددت الأسواق في صنعاء بتعدد الحِرف والمهن التي احترفها سكانها ونظراً لتعددها فقد ذكرت بعض الروايات بأن صنعاء سميت بهذا الأسم لكثرة الصناعات فيها وقد سميت هذه الأسواق بأسماء الصنعة التي تزاول في المكان وهي كما يلي :- 1) سوق المحدادة 2) سوق المنجارة 3) سوق المنقالة 4) سوق البشامق 5) سوق السراجين 6) سوق العنب 7) سوق الكوافي 8 سوق الأقطاب ( أقطاب المدايع ) 9) سوق المراقعة 10) سوق المدايع 11) سوق القص 12) سوق السلب 13) سوق المبساطة 14) سوق البز 15) سوق المعطارة 16) سوق الحب 17) سوق اللقمة ( الخبز) 18 سوق السمن 19) سوق القات 20) سوق المصباغة 21) سوق المخلاص (الفضة) 22) سوق الزبيب 23) سوق النظارة ( يباع فيه السليط ، القاز ، والحناء ، والقرض) 24) سوق الفتلة 25) سوق المدر والأوطفة 26) سوق الحمير 27) سوق البقر 28 سوق الحطب 29) سوق النحاس 30) سوق الملح
صنعاء ... عاصمة
• عبر العصور كانت صنعاء وما زالت عاصمة محورية لأرض اليمن السعيد فكانت عاصمة للملك ( شعرم أوتر ) في القرن الثاني الميلادي الذي وحّد قصرا : سلحين في مأرب وغمدان في صنعاء في قصر واحد ( بمعنى أنه وحد حكم دولتين يمنتين في دولة واحد ) فقد كان قصر سلحين قصراً للعائلة التقليدية الحاكمة في مأرب ، إبان الصراع على اللقب الملكي اليمني ملك سبأ وذي ريدان ( أي ملك سبأ وحمير ) كما كان قصر غمدان في صنعاء مقراً للملوك من قبيلة ( ذي جرة ) ومحلها اليوم سنحان قرب جبل كنن .
• وتكرر هذا التوحيد في ذكر القصرين – في النقوش – غمدان وسلحين في منتصف القرن الثالث الميلادي في عهد الملك ( إلى شرح يحصب ) ملك سبأ وذي ريدان 18 وكان ذكر صنعاء وجميع المدن اليمنية الأخرى قد أزيح إلى الظل عند قيام دولة حمير الكبرى واتخاذها مدينة ظفار قرب قاع الحقل عاصمة لها في عهد الملك الحميري أسعد الكامل وهو أحد موحدي اليمن وإن تغيرة العاصمة . (19)
• ثم أتخذها ابرهة الحبشي عاصمة لدولته ، وبنى بها كنيسة القليس وزينها بالرخام والفسيفساء وأراد نقل الكعبة ليحج إليها العرب .
• وبعد خروج الاحباش أصحبت صنعاء عاصمة للملك سيف بن ذي يزن أحد موحدي اليمن وقد وفد إلى صنعاء وفد وجوه قريش برئاسة عبدالمطلب جد الرسول العربي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم لتهنئته بالظفر على الأحباش .
• وفي العهد الاسلامي توفرت لصنعاء الشروط الاساسية لاقامة مجتمع حضري بكل أدواته من : جامع ، ومدرسة ، وحمام ، وسوق ، ومعمار جميل وأدب جيد وظرف حسن وسماع (شعر) مشهور عرف بعد ذلك بالغناء الصنعاني وفي الوقت نفسه حافظت على مكانت ماضيها فانتعشت اسواقها التقليدية واشتهرت بتنوع بضاعتها وجودة صنعتها ، وحرص حكامها على مكانتها السياسية فاتخذت مقراً لهم وحاضرة لدولهم . (20)
• وكانت صنعاء عاصمة إقليم اليمن في العصر العباسي ففي عام 140هـ قدم إلى اليمن / معن بن زائدة والياً على اليمن واتخذ من صنعاء عاصمة لحكمة وعين أحد قرابته نائباً عنه بحضرموت .
• كما اتخذها حماد البربري عاصمة له بعد أن هزم الهيصم بن عبد الرحمن الهمداني في تهامة ووصل إلى صنعاء التي كانت عاصمة ولات بني العباسي (21) ووحدت اليمن على يد المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم الرسي 1054-1087هـ من حدود عمان حتى نجد وطوّق الحرمين .
• وحين كان الصراع بين المد السلفي والإشراف في جازان وأبي عريش أواخر عام 1215 وأوائل 1216هـ كانت صنعاء عاصمة للأمام المنصور على بن عباس ، ونزح إليها الشريف حمود بن محمد آل خيرات هرباً من الدعوة السلفية مثله مثل كثير من الإشراف الذي ضاقت بهم مكة والمدينة المنورة ، ويذكر د / سيد أن الإشراف آل القطبي وآل الخواجي وآل النعمي كانوا جميعاً يستمدون شرعيه حكمهم من إمام صنعاء باعتبار أن الأقليم جزء من اليمن ، وقد تسلم الشريف حمود بن محمد آل خيرات المشهود بأبي مسمار الحكم في أبي عريش مركز المخلاف السليماني من قبل الامام المنصور إمام صنعاء . (22)
• وفي بداية القرن العشرين آلة صنعاء عاصمة للإمام يحيى بعد أن سلمها أليه الاتراك عند رحيلهم بعد الحرب العالمية الأولى حيث فضل الاتراك تسليم اليمن للإمام يحيى بدلاً عن الانجليز الذين كانوا يحتلون عدن ، وقد دعى الوالي العثماني على سعيد باشا الامام إلى دخول صنعاء وسلمه قصر غمدان وما يحويه من معدات عسكرية (23) .
• صنعاء في 22 مايو 1990م في نهاية القرن العشرين وبالتحديد يوم 22 من مايو 1990م اصبحت صنعاء عاصمة لليمن الموحدة المسمى الجمهورية اليمنية في العصر الحاضر حيث وحدها القيل القحطاني المعاصر / علي عبدالله صالح الاحمر الذي تسلم الحكم في عام 1978م في الشطر الشمالي بعد حروب بين شطريها المسميان - سابقاً - الجمهورية العربية اليمنية في الشمال وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب ومنذ ذلك الحين واليمن تشهد تطوراً سريعاً في كافة مناحي الحياة ، ومن أهم هذه الانجازات التي حققها الموحد إعادة سد مأرب ، واستخراج النفط ومد شبكة المواصلات إلى كل مدينة وقرية في اليمن وإيصال وسائل الاتصال والتطور الحضاري الالكتروني وتعميم شبكة الطاقة الكهربائية إلى عموم محافظات الجمهورية بالإضافة إلى تعميم الجامعات في أغلب مدن الجمهورية ناهيك عن المدارس بمختلف مراحلها . ولقد استثارت صنعاء خيال المنظمة الدولية التربية والثقافة والعلوم وجذبت اهتمامها وشاركها في ذلك المخططون المعماريون والعلماء الأثريون وغيرهم في جميع أنحاء العالم وترجم هذا الإعجاب بخطوات عملية كان من ابرز الخطوات العملية توصية اللجنة الاستشارية للثقافة العربية التابعة لليونسكو في اجتماعها الذي انعقد بصنعاء 20-24 يونيو 79م بصون مدينة صنعاء وكانت التوصية هي المرتكز الاساس لمشروع القرار الذي تقدمت به اليمن في الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لليونسكو والذي انعقد في بلغراد 1980م كان من نتائجه وصول مبعوثات من اليونسكو في أواخر عام 80م لإعداد خطط العمل والتشاور مع الحكومة ، أدت إلى زيارة المدير العام لليونسكو لصنعاء وتوجيه نداء عام للمجتمع الدولي لصيانة مدينة صنعاء وأفضت تلك المفاوضات إلى ادخال ثلاث مدن يمنية هي : صنعاء ، زبيد ، شبام حضرموت في قائمة التراث العالمي الذي يجب الحفاظ عليه من كافة دول العام .(24)
ويقول الهمداني : هي أم اليمن وقطبها لأنها في وسط منها ما بينها وبين عدن كما بينها وبين حد اليمن من أرض نجد والحجاز ، وكان أسمها في الجاهلية آزال (7) وكان من أشهر مبانيها قصر غمدان أول قصور اليمن وهو قصر كان بديع الصنعة شامخ البنيان أعجبها ذكراً وأبعدها صيتاً وهو في صنعاء كان مكوناً من عشرين سقفاً ،8 وكان فيها بين كل سقفين عشرة أذرع ، وكانت غرفة الرأس العليا مجلس الملك اثنتي عشرة ذراعاً عليها حجر من رخام ، وكان في زواياه الأربع أربعة أسود من نحاس أصفر خارجة بدروها فإذا هبت الرياح في أجوافها زأرت كما يزأر الأسد ، وكانت حمير تنزله وتزيد فيه حتى أخرب في أيام الخليفة عثمان بن عفان . ويرى أبن المجاور : أن أول من ابتدأ في بنائه سام بن نوح لما بنا صنعاء ويقال : سليمان بن داود عليهما السلام لما دخل اليمن يتزوج بلقيس وكانت التبابعة من ملوك حمير لهم رغبة نفسية وهمة عالية في عمارته ، وكل ملك منهم كان يعلي قصراً على قصر حتى أرتفعت تلك القصور أثنتين وسبعين سقفاً ويقال ثلاثة وتسعين سقفاً ،وآخر من بنى به أسعد الكامل ويقال أسعد الخزاعي قصر من زجاج وهو الخاتمة ، ويقال أن أواخر فيء قصر غمدان كان يصل إلى وادي ظهر وهي مسافة فرسخ زائد لا ناقص قال ابن المجاور : إذا قربت الشمس للغروب لأن في مثل ذلك الحين يكون الظل والفيء إلى أن يرجع مثل الشيء ثلاث أربع مرات ، وممن بنا فيه إمرأة تسمى الزباء (9) .
تسمية صنعاء ونسبها :
لم يكن أسم صنعاء معروفاً به في العصور القديمة ، فقد نسبت إلى مؤسسها سام بن نوح ، وكان يطلق عليها في الجاهلية أسم آزال نسبة إلى آزال بن يقطن ، وظلت تسمية آزال حتى دخلها الأحباش سنة 340 للميلاد وكان كلامهم يقولون : صُنعت وصَـنَعت (10) . وتذكر المصادر الأثرية بأن أسم صنعاء أتى مع دخول الأحباش الذين وجدوها مبنية بحجارة حصينة فقالوا : هذه صنعة ومعناها حصينة فسميت صنعاء بذلك (11) . وهناك من ينسبها إلى صنعاء بن يقطن بن العبير بن عامر بن شالح (12) . وقد تخطت ثلاثة أطوار في عصور مختلفة : الأول طور التكوين ، وسميت باسم بانيها سام بن نوح ، الطور الثاني سميت آزال محتفظة باسمها الأول والطور الثالث باسم صنعاء وقد احتفظت بالأسماء الثلاثة .
** سور صنعاء وأبوابها :
ما تزال الحكايات الصنعانية عن سور صنعاء مروية حتى يومنا هذا ... وتذكر المصادر أن من أدار سورها الملك الأغر علي بن محمد ابن علي المعلم الصليحي بالحجر والجص وركب عليه سبعة أبواب باب غمدان ينفذ إلى اليمن وباب دمشق ينفذ إلى مكة ، وباب الشيخة ينفذ إلى محلة الشيخة ، وباب خندق الأعلى يدخل منه السيل ، وباب خندق الأسفل يخرج منه السيل يسقي الأرض ، وباب النصر ينفذ إلى جبل نقم وبراش ، وباب شرعة وينفذ إلى بستان السّر (13). وتذكر بعض الروايات أن السور ينسب إلى الملك ( شعرم أوتر ) وهو أول من أداره وقد جعل فيه تسعة أبواب وأن أعلى السور كانت تمشي فيه ثمانية خيول مجتمعة كما شاهد ذلك الرحالة الإيطالي في القرن التاسع الهجري ( 14 ) ولم تقف الروايات عن سورها وأبوابه عند هذا الحد بل ذهبت إلى أن ( شعرم أوتر ) هول الذي أوصل بنيات القصور وأحاط على صنعاء بحافظ ، وقد تعرض للخراب مراراً أحدهما على يد الإمام يوسف بن يحيى بن أحمد الناصر بن الإمام الهادي وقد إعادة قيس الهمداني ، كما أن السلطان حاتم بن أحمد اليامي من أعيان المئة السادسة أمر بهدمه أثناء حروبه مع الإمام أحمد بن سليمان ، فلما جاء السلطان ( طغتكين بن أيوب ) إلى اليمن أعاده وأدخل الحي الذي استحدثه لنفسه وأهله وحاشيته ومنه بستان السلطان المعروف اليوم ، وقد أخربها الإمام ( المتطرّف ) عبدالله بن حمزة المتوفى سنة 614 هـ . وتذكر المصادر المتأخرة بل المعاصرة أن ستة أبواب كانت بصنعاء وهي المعروفة بيننا اليوم وهي : باب ستران ، وباب اليمن ( وكان ملتوياً فلا يرى الخارج منه شاكلة باب مدينة زبيد الموجود ) وقد هدمه أحمد فيضي باشا القائد العثماني سنة 1316هـ وأعدا بناؤه على ما هو عليه اليوم وباب السبحة . وكان في هذا السور عدد كبير من الأبراج متساوية المسافة وكان في وسط السور ممر لفارسين يمشيان معاً ، وكان يستعمل – أحياناً – لعربات المدافع عند الحاجة لحماية العاصمة ( 15 ) ويذكر لنا القاضي محمد بن علي الأكوع الحوالي ، أن أبواباً قد أحدثت على ما ذُكر وهي : باب القصر ، باب البلقة ، وباب الروم ، وباب القاع ، وقد أحدثت حينما بني حي بير العزب ويعيد ذلك إلى القرن الثاني عشر الهجري أو قبله (16) .
الأسواق والحرف :
تعددت الأسواق في صنعاء بتعدد الحِرف والمهن التي احترفها سكانها ونظراً لتعددها فقد ذكرت بعض الروايات بأن صنعاء سميت بهذا الأسم لكثرة الصناعات فيها وقد سميت هذه الأسواق بأسماء الصنعة التي تزاول في المكان وهي كما يلي :- 1) سوق المحدادة 2) سوق المنجارة 3) سوق المنقالة 4) سوق البشامق 5) سوق السراجين 6) سوق العنب 7) سوق الكوافي 8 سوق الأقطاب ( أقطاب المدايع ) 9) سوق المراقعة 10) سوق المدايع 11) سوق القص 12) سوق السلب 13) سوق المبساطة 14) سوق البز 15) سوق المعطارة 16) سوق الحب 17) سوق اللقمة ( الخبز) 18 سوق السمن 19) سوق القات 20) سوق المصباغة 21) سوق المخلاص (الفضة) 22) سوق الزبيب 23) سوق النظارة ( يباع فيه السليط ، القاز ، والحناء ، والقرض) 24) سوق الفتلة 25) سوق المدر والأوطفة 26) سوق الحمير 27) سوق البقر 28 سوق الحطب 29) سوق النحاس 30) سوق الملح
صنعاء ... عاصمة
• عبر العصور كانت صنعاء وما زالت عاصمة محورية لأرض اليمن السعيد فكانت عاصمة للملك ( شعرم أوتر ) في القرن الثاني الميلادي الذي وحّد قصرا : سلحين في مأرب وغمدان في صنعاء في قصر واحد ( بمعنى أنه وحد حكم دولتين يمنتين في دولة واحد ) فقد كان قصر سلحين قصراً للعائلة التقليدية الحاكمة في مأرب ، إبان الصراع على اللقب الملكي اليمني ملك سبأ وذي ريدان ( أي ملك سبأ وحمير ) كما كان قصر غمدان في صنعاء مقراً للملوك من قبيلة ( ذي جرة ) ومحلها اليوم سنحان قرب جبل كنن .
• وتكرر هذا التوحيد في ذكر القصرين – في النقوش – غمدان وسلحين في منتصف القرن الثالث الميلادي في عهد الملك ( إلى شرح يحصب ) ملك سبأ وذي ريدان 18 وكان ذكر صنعاء وجميع المدن اليمنية الأخرى قد أزيح إلى الظل عند قيام دولة حمير الكبرى واتخاذها مدينة ظفار قرب قاع الحقل عاصمة لها في عهد الملك الحميري أسعد الكامل وهو أحد موحدي اليمن وإن تغيرة العاصمة . (19)
• ثم أتخذها ابرهة الحبشي عاصمة لدولته ، وبنى بها كنيسة القليس وزينها بالرخام والفسيفساء وأراد نقل الكعبة ليحج إليها العرب .
• وبعد خروج الاحباش أصحبت صنعاء عاصمة للملك سيف بن ذي يزن أحد موحدي اليمن وقد وفد إلى صنعاء وفد وجوه قريش برئاسة عبدالمطلب جد الرسول العربي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم لتهنئته بالظفر على الأحباش .
• وفي العهد الاسلامي توفرت لصنعاء الشروط الاساسية لاقامة مجتمع حضري بكل أدواته من : جامع ، ومدرسة ، وحمام ، وسوق ، ومعمار جميل وأدب جيد وظرف حسن وسماع (شعر) مشهور عرف بعد ذلك بالغناء الصنعاني وفي الوقت نفسه حافظت على مكانت ماضيها فانتعشت اسواقها التقليدية واشتهرت بتنوع بضاعتها وجودة صنعتها ، وحرص حكامها على مكانتها السياسية فاتخذت مقراً لهم وحاضرة لدولهم . (20)
• وكانت صنعاء عاصمة إقليم اليمن في العصر العباسي ففي عام 140هـ قدم إلى اليمن / معن بن زائدة والياً على اليمن واتخذ من صنعاء عاصمة لحكمة وعين أحد قرابته نائباً عنه بحضرموت .
• كما اتخذها حماد البربري عاصمة له بعد أن هزم الهيصم بن عبد الرحمن الهمداني في تهامة ووصل إلى صنعاء التي كانت عاصمة ولات بني العباسي (21) ووحدت اليمن على يد المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم الرسي 1054-1087هـ من حدود عمان حتى نجد وطوّق الحرمين .
• وحين كان الصراع بين المد السلفي والإشراف في جازان وأبي عريش أواخر عام 1215 وأوائل 1216هـ كانت صنعاء عاصمة للأمام المنصور على بن عباس ، ونزح إليها الشريف حمود بن محمد آل خيرات هرباً من الدعوة السلفية مثله مثل كثير من الإشراف الذي ضاقت بهم مكة والمدينة المنورة ، ويذكر د / سيد أن الإشراف آل القطبي وآل الخواجي وآل النعمي كانوا جميعاً يستمدون شرعيه حكمهم من إمام صنعاء باعتبار أن الأقليم جزء من اليمن ، وقد تسلم الشريف حمود بن محمد آل خيرات المشهود بأبي مسمار الحكم في أبي عريش مركز المخلاف السليماني من قبل الامام المنصور إمام صنعاء . (22)
• وفي بداية القرن العشرين آلة صنعاء عاصمة للإمام يحيى بعد أن سلمها أليه الاتراك عند رحيلهم بعد الحرب العالمية الأولى حيث فضل الاتراك تسليم اليمن للإمام يحيى بدلاً عن الانجليز الذين كانوا يحتلون عدن ، وقد دعى الوالي العثماني على سعيد باشا الامام إلى دخول صنعاء وسلمه قصر غمدان وما يحويه من معدات عسكرية (23) .
• صنعاء في 22 مايو 1990م في نهاية القرن العشرين وبالتحديد يوم 22 من مايو 1990م اصبحت صنعاء عاصمة لليمن الموحدة المسمى الجمهورية اليمنية في العصر الحاضر حيث وحدها القيل القحطاني المعاصر / علي عبدالله صالح الاحمر الذي تسلم الحكم في عام 1978م في الشطر الشمالي بعد حروب بين شطريها المسميان - سابقاً - الجمهورية العربية اليمنية في الشمال وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب ومنذ ذلك الحين واليمن تشهد تطوراً سريعاً في كافة مناحي الحياة ، ومن أهم هذه الانجازات التي حققها الموحد إعادة سد مأرب ، واستخراج النفط ومد شبكة المواصلات إلى كل مدينة وقرية في اليمن وإيصال وسائل الاتصال والتطور الحضاري الالكتروني وتعميم شبكة الطاقة الكهربائية إلى عموم محافظات الجمهورية بالإضافة إلى تعميم الجامعات في أغلب مدن الجمهورية ناهيك عن المدارس بمختلف مراحلها . ولقد استثارت صنعاء خيال المنظمة الدولية التربية والثقافة والعلوم وجذبت اهتمامها وشاركها في ذلك المخططون المعماريون والعلماء الأثريون وغيرهم في جميع أنحاء العالم وترجم هذا الإعجاب بخطوات عملية كان من ابرز الخطوات العملية توصية اللجنة الاستشارية للثقافة العربية التابعة لليونسكو في اجتماعها الذي انعقد بصنعاء 20-24 يونيو 79م بصون مدينة صنعاء وكانت التوصية هي المرتكز الاساس لمشروع القرار الذي تقدمت به اليمن في الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر العام لليونسكو والذي انعقد في بلغراد 1980م كان من نتائجه وصول مبعوثات من اليونسكو في أواخر عام 80م لإعداد خطط العمل والتشاور مع الحكومة ، أدت إلى زيارة المدير العام لليونسكو لصنعاء وتوجيه نداء عام للمجتمع الدولي لصيانة مدينة صنعاء وأفضت تلك المفاوضات إلى ادخال ثلاث مدن يمنية هي : صنعاء ، زبيد ، شبام حضرموت في قائمة التراث العالمي الذي يجب الحفاظ عليه من كافة دول العام .(24)