متى يتحرك المصلحون
في دراسة هي الأحدث من نوعها أكدت باحثة سعودية أن نسبة الطلاق وصلت في المملكة العربية السعودية إلى 60%، وحذرت دراسة أخرى أصدرها مركز الاستشارات العائلية في قطر من أن استمرار زيادة معدلات الطلاق ينذر بكارثة اجتماعية، وأظهرت الدراسة أن معدلات الطلاق في قطر تصل إلى 38%، وأكدت دراسة أخرى أن نسبة الطلاق في الإمارات 46% وفي الكويت 35% وفي البحرين 34%.
وهذه الأرقام تنذر بكارثة اجتماعية خطيرة إن لم يتحرك المصلحون في كافة الاتجاهات لحلها، ومن أبرزهم الدعاة إلى الله عز وجل، والمفكرون، والإعلاميون..
المجتمع بأكمله لابد أن يتصدى لهذا السرطان الأخبث من نوعه، كل السرطانات التي نعرفها اليوم تنتهي بموت أصحابها، أما هذا السرطان البيئي الوبائي فإنه لا ينتهي حتى بموت أصحابه، بل يستمر في الانتشار أفقيا وعموديا حتى يصبح أمر الطلاق مألوفا عند المجتمع لا ينكره منكر من كثرة شيوعه.
ثم الأمر الأخطر والأشد ذاك الإرث الثقيل الذي يخلفه، خذ مثلا دولة كمصر عدد المطلقات فيها وصل إلى 9 ملايين مطلقة، لو افترضنا أن كل مطلقة عندها ولد واحد هذا يعني أن عندنا 9 ملايين شاب وفتاة بعد فترة غير قصيرة يصبحون قنابل موقوتة في مجتمعاتنا، من جراء معيشتهم غير المستقرة إما في حضن أم لا تصلح غالبا للعب دور الأب، أو رعاية أب لا يصلح لتتمة دور الأم.
وبعضهم لا يجد الأم ولا الأب إذا تزوج كل منهما وليست هناك رغبة من البدلاء في رعاية هؤلاء الغرماء.
الأمر جد خطير ولابد من وقف هذا الانتشار الوبائي، والطريقة الأمثل للحد منه هو الوقوف على الأسباب المشتركة التي تؤدي غالبا إلى الطلاق.
ولقد تابعت الأسباب التي ذكرها بعض المصلحين ووجدت أغلبها تدور في طرق معاملة الزوجين، والتدخلات الخارجية ففي دراسة أعدها د. عيسى السعدي الوكيل المساعد بوزارة الشؤون الاجتماعية بالكويت ذكر أسبابا عدة للطلاق.. رتبها حسب الأهمية على النحو التالي:
1.سوء المعاملة بين الزوجين 79.4%.
2. عدم تحمل أحد الزوجين المسؤولية 76.9%.
3. تناول الخمور 72.9%.
4. تدخل الأهل 66.2%.
5. الشك والغيرة 63.8%.
6. عدم الإنفاق على ضروريات الأسرة 48.8%.
7. الغياب الكثير عن المنزل 48.5%.
8. عدم التوافق العاطفي 47.2%.
9. تعدد الزوجات 44.1%.
10. عدم الإنجاب 39.8%.
11. السكن مع الأهل 32.6%.
12. فروق في المستوى التعليمي والاقتصادي والعمري 16.2%.
13. مرض أحد الزوجين 10%
وهذه الأسباب كلها يمكن وضعها تحت بند معاملة الزوجين، لكن أتصور أن الأسباب أعمق من ذلك، ولعل أقسمها إلى أربعة أسباب:
السبب الأول: أسباب ما قبل الزواج.
السبب الثاني: أسباب عند الاختيار
السبب الثالث: أسباب أثناء الزواج
السبب الرابع: أسباب عند الطلاق
وتعود أسباب ما قبل الزواج إلى طريقة التربية التي يتربى عليها أبناؤنا، هل هي الطريقة المثلى لإنشاء شاب أو فتاة يصلحان لتيسير بيت مسلم؟!
إن بعض الآباء يربى ولده وللأسف الشديد أن الرجولة لا تكون إلا في كلمة واحدة، لا ينبغي للرجل أن يتنازل عن موقف أخذه ولو كان خاطئا، وأن الشدة والحزم مع العدو القادم أقصد الزوجة القادمة هي الأساس، وأن الريبة والشك هي عنوان الزواج السعيد، فالزوجة متهمة حتى تثبت براءتها!!
وعلى الطرف الآخر هناك بعض الآباء يربون بناتهن على الاستقلال الفكرى والاستبداد بالرأي، زاعما أن كونها ابنة فلان أو من قبيلة فلان هذا يؤمن لها غدا مشرقا، ولا يصح في عرفه أن يكون لأي أحد له على ابنته كلمة، فكونها متعلمة أو عاملة فالرأي لابد أن يكون لها والقرار لابد أن تنفرد به، ولا بأس أن تأخذ رأي الرجل لا من قبيل الشورى - معاذ الله - ولكن من قبيل الاستئناس برأيه!!!
والسؤال المطروح: هل هكذا أيها الآباء نعد جيلا جديدا يبنى على الاستقرار الأسري، أم أسودا ضارية لمعركة مقبلة!!
أين دور الأم التربوي، أين دور الأب التثقيفي، هل نجلس حقا مع أبنائنا نعلمهم أن الزواج شراكة بين شريكين، وأن النبي يعلمنا أن ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم. هل نجلس مع بناتنا نعلمهن أن طاعة الزوج فرع من فروع طاعة الله، وأن رضا الله في رضا الزوج، وأن النبي علمنا أنه لو كان آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمر الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها.
لعل التنشئة الخاطئة هي أول أسباب هذا السرطان، ولعلنا في المقال القادم نلقى بعض الضوء على الأسباب الأخرى، والله أسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه