Surprised
الاستبداد والجهل صنوان متلازمان يسند احمدهما الآخر، ومن غير المعقول تصور بقاء أحدهما دون الآخر. فهما أما أن يجتمعا معا أو يفترقا معاً، لذلك ستكون طرق معالجتنا لهما معاً علنا نرى ذلك اليوم الذي يرتفع فيه الاستبداد والجهل معاً عن جسد امتنا الإسلامية، ومن الطرق:
1ـ تكثيف حالات المراجعة النقدية للذات وحملها على اتباع الحق ونهج العدل باعتبارها المصدر الذي تقوم عليه سيادة الاستبداد و (إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون)41. ويقول أمير المؤمنين… أيها الناس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق، ولم تنهوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم، لكنكم تهتم متاه بني إسرائيل، ولعمري ليضعفنّ لكم التيه من بعدي اضعافاً بما خلفتم الحق وراء ظهوركم..)42.
2ـ إيجاد حالة من الترابط الوثيق بين العبد وخالقه تستطيع أن تخلق مناعة ذاتية عند الإنسان ترتفع من خلالها كل عوامل الخوف والتهيب والانقياد للحكام الظلمة والمستبدين.
3ـ التمرد على الاستبداد حركة عملية ترفع رصيد الشجاعة والمواجهة عند الأمة وتطلق حريتها أمام الحاكم للاعتراض عليه أو إبداء الرأي. وهذا ما كان يطلبه أمير المؤمنين ع لامته حيث يقول: (فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفس، فانه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما عليه أثقل..)43، لذلك عندما سيطر معاوية على العراق هدد أهلها لتجرئهم عليه حيث قال (لقد لمظكم علي بن أبي طالب الجرأة على السلطان وبطيء ما تفطمون..).
4ـ القبول بمبدأ الاختلاف وحق الآخر في ممارسة مسؤولياته وإبداء آرائه، والاعتراف بتعدد الآراء والتوجهات يعطي للوحدة بعداً واقعياً وحضارياً متقدماً يفوق كل الشعارات البرّاقة.
5ـ إحكام المراقبة والمحاسبة على الحكم والحكومة من خلال مجالس ومؤسسات عامة أو خاصة تملك الإرادة والشجاعة والصلاحيات المخولة عند تحديد المقصر ومعاقبة المعتدي.
6ـ الأخذ بمبدأ (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) والالتزام بهما عند خطوط مواجهة كل منكر وأمر بمعروف، وهذان الاصلان هما سفينة النجاة للإنسان ومجتمعه في دار الدنيا والآخرة، يقول رسول الله(: (لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، وتعاونوا على البر، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء)44.
7ـ إجبار الحاكم على استشارة عقلاء الأمة وأرباب الحل والعقد، والاحتكام إلى عموم الأمة في القضايا المصيرية وما يتعلق بالصالح العام من خلال استفتاءات مباشرة أو نيابية.
8ـ الحاكم ما هو إلا وكيل الأمة ونائب عنها، فهي من ورائه في تسديده وتقويمه وتذكيره وتنبيهه وأخذ الحق منه إذا وجب عليه، وخلعه واستبداله متى اقترف ما يوجب خلعه وعلى هذا فلا قدسية ولا طاعة لحاكم إذا حنث بقسمه وخالف الدستور ولم يحفظ حقوق الله والامة، إطاعة الحاكم تكون عندما يلتزم الحق وينفذ القانون وغير ذلك (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
9ـ إيجاد مجلس برلماني شجاع يستطيع أن يتصدى لكل بادرة سوء تصدر من فرد أو وزارة ويمنع أي تعدٍّ على القوانين والممتلكات والحقوق، ويقاوم كل انتهاك للسلطات والقوى، باعتباره وكيل الأمة في الرقابة على الحاكم والحكومة.
10ـ الوعي الدقيق لمشاكل المجتمع، والإحاطة الشاملة بمشكلات العصر لتقديم الحلول الكفيلة لإزالتها، واصلاح ما تهدم منها فكما قال…: (العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس)45.
11ـ التأكيد على العلوم التي تنطلق بالمسلم في الآفاق البعيدة.. التي تنمي فيه حب الابداع والابتكار، والتحرر من قيود الرق والعبودية، وتعلمه وظائفه الشرعية وحقوقه القانونية، وحدود الحاكم، ونقاط الاشتراك والافتراق في علاقتهما، وأساليب الرقابة والمحاسبة و...
12ـ إيجاد تعددية واقعية للأحزاب والقوى الفاعلة والمؤثرة في المجتمع، ودعم المؤسسات الدستورية المستقلة وإسنادها بمختلف الوسائل للحفاظ على توازن القوى وتكثيف الرقابة على الحاكم والحكومة.
13ـ احترام الصحافة واطلاق حريتها في عمليات التغيير.. والرقابة.. وفضح الاستبداد ولممارسة دورها الفاعل في فتح منافذ الملاحة الفكرية والقضاء على كل بواعث التهيب في الشعب.
14ـ ضرورة أيجاد قفزة نوعية في وسائل الاتصال والتثقيف، وما بأيدينا لا يمنع من حصول تحديات أخرى على حقوق الأمة وكرامتها لذا نحن بحاجة ماسة إلى مليارات الكتب و ملايين الصحف والمجلات ومعدلات عالية من وسائل الاتصال الجمعي من الأقمار الصناعية وشبكات الإنترنت.
15ـ من الضروري العمل على تهيئة البديل للاستبداد وتجهيزه بكل مستلزمات الحضارة والتقدم، وان يكون معبراً عن واقع مجتمعنا المسلم، ولو فكرنا في غير ذلك نكون كمن استبدل استبداداً بآخر أو اعتمدنا على نماذج مستوردة لا تمت إلى واقعنا الإسلامي بصلة.
16ـ وختاماً نقول: ما لم تبلغ الأمة مرحلة الرشد الفكري، وتقضِ كاملاً على الجهل ومخلفاته سيبقى الظالم والمستبد حراً طليقاً لا يجد من يمنعه عن غيه ويوقفه عند حده
v
v
v
مقتبسه بحرص وعناية